االعتناء بالمظهر
الثٌاب ذاتها التً ارتدٌتها ٌوم أمس
ِمن فراشك صباح أحد األٌام، مرتدٌاً
ِّراً
تأ َّمل نفسك تنهض متأخـ - إذ أنك
نم ت بها اللٌلة الماضٌة. لالستحمام وحتى لغسل وجهك
وبما أنك نهضت متأخرا ، بل ولم تضع مشطاً ً، لم تجد وقتاً
فً شعرك أو تبدل مالبسك التً أصبحت رائحة العرق تفوح منها. فهل ٌهم كٌف ٌبدو مظهرنا الخارجً؟
إذا كنت أنت ال تهتم بمظهرك، فاآلخرون ٌهتمون بمظهرك. فال أحد ٌرغب فً
التواجد حول شخص غٌر م هندم، غٌر نظٌف، وغٌر م رت
َّ
ـب ورائحة العرق تفوح منه.
إن النظافة والهندام ٌؤث
ـ على صحتك وتقدٌرك لنفسك وتقدٌر اآلخرٌن ِّ
ران إٌجابٌا لك. ً
لكن هل ٌهتم هللا بمظهرك الخارجً؟
المسٌح وقد قبلته مخلصا ، ولنفترض أنه ً شخصٌاً فلنفترض أنك تحب السٌد لك
ِسخة وشعرك غٌر
َّ
سرع فٌه أنت إلى محطة الحافلة وأنت ترتدي مالبسك ال متــ
جاء إلى األرض فً الوقت الذي تـ
الممشط، فهل سٌأخذك إلى السماء هكذا كما أنت؟
بالطبع سٌأخذك، فهو ٌحب كل فرد فٌنا وٌقبلنا كما نحن. فالشخص الشرٌد فً الشارع الذي لم تتسنى له
الفرصة أن ٌستحم على مدى سنٌن، سٌنال نفس الترحٌب الحار من السٌد المسٌح كالشخص الذي ارتدى أفخر ثٌابه
لعشاء رسمً مع شخصٌات بارزة
استعدادا . فاهلل ال ٌهتم بمظهر الناس الخارجً عندما ٌقبلهم فً ملكوته، بل ٌ صرِّح ً
الكتاب المقدس أن الناس ٌنظرون إلى المظهر الخارجً، لكن هللا ٌنظر إلى قلوبنا "... ألن اإلنسان ٌنظر إلى العٌنٌن
وأما الرب فإنه ٌنظر إلى القلب" )صموئٌل األول 7 :61(.
ولكن ماذا لو لم ٌأ ِت السٌد المسٌح الٌوم؟ ماذا لو أنك وصلت إلى المدرسة أو إلى مقر عملك وأنت بهذا
المظهر؟ وهل من أسباب وجٌهة لرغبة هللا فً أن ٌبدو شعبه فً مظهر الئق؟
هناك العدٌد من األسباب. إن المظهر الالئق غٌر ضروري للخالص والنجاة، ولكنه مهم بالنسبة للشاب
المؤمن الذي ٌرٌد أن ٌحٌا بالطرٌقة التً ٌبتغٌها هللا لنشهد باسمه أمام العالم.
وأهم سبب خلف ضرورة اهتمامك بمظهرك الخارجً هو أنك بمثابة اإلعالن الذي ٌ روِّ ج إلٌمانك وتدعو
الناس إلٌه. فسواء أحببت ذلك أم ال فعندما ت
ـخبر اآلخرٌن أنك مؤمن، فإنهم لدى نظرتهم إلٌك سٌقولون: "أهكذا ٌبدو
المؤمن!" وأنت قد ال تدرك حقٌقة أن الناس غٌر المؤمنٌن عامل
من حولك ٌراقبون ما تقول وما تفعل وكٌف تـ
اآلخرٌن. وحتى مظهرك الخارجً هو دلٌل على ما ٌدعو إلٌه إٌمانك.
َّب، فإنك بذلك ترسل إشارات مهمة عن اإلله الذي
عندما تقضً الوقت للتأكد من نظافتك و ِمن هندامك الم رتـ
تعبده. إنك بذلك تقول للناس إن هللا ٌضع قٌمة كبٌرة على الناس وٌتوقع منهم أن ٌكونوا على أفضل ما ٌمكن. وتذكر
أن هللا خلقنا على أحسن حال. أفال ٌنبغً أن صورة هللا التً نظهرها لآلخرٌن وللعالم أجمع، أن تكون هً األنظف
واألفضل؟
"ألن اإلنسان ينظر إىل العينني وأما الرب فإنه ينظر إىل القلة"
كان بعض المؤمنٌن فً الماضً ال ٌؤمنون بذلك، إذ اعتقدوا أن نفوسنا وحدها هً التً تهم هللا وأن أجسادنا
ال تهمه على اإلطالق. بل ولقد ذهب الناس فً تفكٌرهم إلى ما هو أبعد من ذلك إذ اعتقدوا أن الجسد شر، وعلٌنا أن
نـ . فرهبان العصور الوسطى الذٌن كان ٌلبسون قمص عذبه ونجعله ٌتألم
انا ِمن الشعر وٌضربون أنفسهم بالسٌاط، ربما ً
ِّص لم ٌكونوا
ناصعاً عن حسن الهندام والترتٌب. والرسالة التً كان ٌعكسها هؤالء هً: "إن هللا ٌرٌد أن ٌخلـ
مثاالً
النفس، لكنه ال ٌهتم بالجسد".
ِّد على أن أجسادنا وأنفسنا
ولكن هذا االعتقاد لٌس وفق ما جاء فً الكتاب المقدس. فالكتاب المقدس ٌؤكـ
ٌكمالن بعضهما بعضا، وأن أفضل طرٌقة لعبادة هللا تتم من خالل عقول سلٌمة تعمل داخل أجساد صحٌَّة، نظٌفة ً
بة
و مرتــ . وقد كتب الرسول ٌوحنا ٌقول: "أٌها الحبٌب، فً كل شًء أروم أن تكون ناجحاً وصحٌحاً كما أن نفسك َّ
وقَّدم هللا لشعبه قدٌما ن اإلرشادات حول ماذا ٌأكلون وكٌف ٌعتنون ً ناجحة" )رسالة ٌوحنا الثالثة، العدد 2(. العدٌد م
بأجسادهم، حتى وهم ٌعٌشون كبدو فً الصحراء. وهنا أرجو منك أن تالحظ بأن االهتمام بالمظهر الخارجً
والهندام لم ٌكونا بهذه السهولة عند ذاك.
لقد وضعنا، بصفتنا كنٌسة المجٌئٌٌن السبتٌٌن، التركٌز األكبر على الصحة وبخاصة على الغذاء الصحً.
ولكن الصحة الجٌدة تأتً فً مجموع متكامل ولٌس بمفردها. فهً ال تتضمن الغذاء وحسب، بل والتمرٌن والراحة
والتسلٌة والهندام والترتٌب. صحٌح إن القول المأثور: "النظافة تأتً بعد التقوى والصالح" ال ٌظهر فً الكتاب
المقدس، وقد ال تأتً النظافة فً مصاف التقوى والصالح، ولكنها أمر ٌستطٌع من ٌت
َّ
ـصفون بالتقوى والصالح أن
ٌفعلوه فً سعٌهم لالهتمام بأجسادهم التً خلقها لهم هللا.
عادات الهندام المرتب النظٌف تتضمن االستحمام بانتظام وتمشٌط الشعر وترتٌب
المالبس ونظافتها. هذه األمور كلها لن تجعلك تبدو أفضل وحسب، بل وستجعلك أكثر صحة
وسعادة أٌضا . كما أن هذه األمور تبعث برسالة ً، ألنك عندئذ ستشعر بشعور أفضل حٌال نفسك
إٌجابٌة وصورة أفضل عن اإلٌمان الحقٌقً أمام العالم، كما وأنها تحسِّ ن الصحة.
هل من سبب آخر خلف ضرورة الهندام الحسن بالنسبة للمؤمن؟
علٌك كمؤمن أن تهتم بنفسك لسبب بسٌط هو أن هللا ٌضع قٌمة كبٌرة علٌك. إننا نسمع الكثٌر الٌوم فً
مجتمعنا عن التقدٌر الذاتً والصورة الحسنة للشخص. ولٌس ألحد من سبب أفضل للتقدٌر الذاتً من المؤمن باهلل.
فقد خلقك هللا على أحسن هٌئة ثم عاد واشتراك إلى عائلته من خالل موت السٌد المسٌح على الصلٌب من أجلك. وهو
ٌضع روحه القدوس فً داخلك لٌساعدك على أن تحٌا الحٌاة التً ٌرٌدها. لٌس من أحد أكثر قٌمة عند هللا من المؤمن
به. فإذ تهتم بنفسك ومظهرك وجسدك فهذا لن ٌساعدك على أن تشعر بشعور أفضل عن ذاتك وحسب، بل وسٌكرم
وٌمجد اإلله الذي خلقك بهذه الطرٌقة الخاصة فً المقام األول.
هل من الممكن االنجراف أكثر من الالزم فً االتجاه المعاكس، أي ان
أكثر من المعتاد على الهندام واألناقة والترتٌب
نضع تركٌزا ؟ إذا كان نهجك ً
ً الروتٌنً هو عكس ذاك الذي شرحناه سابقاً الصباح ، وإذا كنت تبدأ كل ٌوم بحمام
والعناٌة باألقدام واألظافر وتجمٌل الوجه بالمساحٌق وتصفٌف الشعر لمدة ساعة
أخرى أهم مثل
وتسرٌحه بالطرٌقة الصحٌحة تماما : ً، فأنت بذلك ربما تهمل أموراً
النوم وتناول طعام الفطور وقضاء بعض الوقت فً الصالة والتأمل ودراسة كلمة
َّر أن مظهر المؤمن ٌنبغً أن ٌكون بمثابة اإلعالن عن هللا ولٌس عن
هللا. تذكـ
الذات.
وٌتحدث الكتاب المقدس كثٌرا . فإذا كنت تولً ً عن خطاٌا الكبرٌاء والغرور
اهتماما أكبر بمظهرك الخارجً من ذلك الذي تولٌه لعبادة هللا ولعالقتك مع اآلخرٌن، فقد تكون هذه الخطاٌا هً ً
سبب سقوطك. وٌذكرنا الكتاب المقدس أن الجمال الحقٌقً ٌنبغً أن ٌنبع دائماً من الداخل ولٌس من الخارج، "وال
تكن ٌزنتكم الزٌنة الخارجٌة من ظفر الشعر والتحلً بالذهب ولبس الثٌاب بل إنسان القلب الخفً فً العدٌم الفساد
زٌنة الروح الودٌع الهادي الذي هً قدام هللا كثٌر الثمن" )بطرس االولى 3 :3 و4(.
أما فٌما ٌختص بالنظافة الجسدٌة وتصفٌف الشعر والعناٌة بمالبسك، فعلٌك إٌجاد التوازن – التوازن بٌن ان
ً تماما. وعلى المؤمن ً تستحوذ علٌك فكرة التأنق ومظهرك الخارجً بشكل كامل، وبٌن أن تهمل مظهرك الخارج
أال ٌقع فرٌسة ألي من التطرفٌن.
واحد تماما أن هللا ٌلبسنا زٌاً ً ٌبدو أن معظم الناس ٌعتقدون أن األنسب هو أن ٌظهر كل المؤمنٌن بمظهر ، وك
َّم على الشخص الحسن الهندام أن ٌبدو فً مظهره مثل كافة الناس اآلخرٌن؟ ً
واحدا. فهل ٌتحتــ
بالطبع كال! فقد خلقنا هللا مختلفٌن عن بعضنا البعض، وهو تعالى ٌ حب التنوٌع. فبعد أن تنتهً من هندامك
وترتٌب مظهرك الروتٌنً، مهما كان نوعه فسٌكون مظهرك خاص بك وحدك وٌعكس شخصٌتك وذوقك والحضارة
التً تعٌش فً نطاقها. بٌنما مؤمن آخر فً مثل عمرك من دولة أخرى، أو حتى فً جزء آخر من المدٌنة التً
تعٌش أنت فٌها، قد ٌبدو مختلفا ك فً مظهرك الخارجً ومالبسه وطرٌقة تصفٌف شعره. ومع ذلك فكالكما ً عن
تظهران لآلخرٌن حقٌقة إٌمانكما باهلل الذي خلقكما. إن الهندام الحسن والترتٌب والنظافة هً طرٌقة إضافٌة للتأكد من
تماما . ً أنك تستطٌع أن تبدو على أحسن ما ٌكون – مثلما خطط هللا لك
وتذكر عزٌزي، بأن االعتناء بالمظهر الخارجً هو أحد الطرق التً من خاللها تستطٌع أن تخبر اآلخرٌن
عن إٌمانك.